تفسير وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا

تفسير وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ، القرآن الكريم هو كتاب الله تعالى المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن الكريم باللغة العربية على نبيه الكريم عليه السلام، حيث يعتبر القرآن الكريم مصدر التشريع الأول في الإسلام وهو الدليل الكامل الشامل للحياة الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية للمسلمين، كما تتجلى في آياته الحكم والتوجيهات الإلهية التي ترشد المسلمين الى الطريق الصحيح المستقيم و تؤسس لنهج حياة متكاملة.
تعتبر الآية الكريمة( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا )من سورة الإسراء من الآيات التي تحمل معاني عميقة و دروسا أخلاقية واجتماعية ودينية هذه الآية الكريمة تلخص مجموعة من القيم والمبادئ والأخلاق التي يجب على جميع المسلمين والمسلمات الالتزام بها ،وذلك يكون من خلال حياتهم اليومية حيث تأتي هذه الآية الكريمة( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ) في سياق توجيهات الله سبحانه وتعالى للإنسانية فهذه التوجيهات تكون مشددة، أهمية التوحيد والعبادة الخالصة لله سبحانه وتعالى بأنه إله واحد ليس له شريك واضافة الى أهمية بر الوالدين والإحسان إليهما.
التوحيد: هو أساس الدين الإسلامي وهو الاعتراف بوحدانية الله سبحانه وتعالى وعبادته دون شريك، ويعتبر ذلك ركيزة أساسية من ركائز الإيمان ويعتبر ايضا قاعدة أساسية لتوجيه السلوك البشري نحو الخير والفضيلة، فهذه الآية من جهة أخرى تحث على بر الوالدين فهذا البر يعتبر كجزء لا يتجزأ من هذا السلوك،وأن إحسان الأبناء على والديهم يعتبر من اسمى وارقى الاعمال التي تقربهم الى الله سبحانه وتعالى وتجعلهم اولادا صالحين في المجتمع.
فالعلاقة بين التوحيد وبر الوالدين هي تعكس التوازن بين حقوق الله سبحانه وتعالى وايضا حقوق البشر وتشير الآية إلى أن العبادة حق لله تتضمن أيضا الالتزام بحقوق الآخرين وخاصة الذين لهم فضل كبير على الانسان مثل الوالدين.
في هذا المقال سوف نتحدث عن تفسير آية من سورة الإسراء قال الله تعالى( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا) فهذه الآية الكريمة تجمع بين أمرين رئيسيين في حياة المسلم الأمر الأول وهو التوحيد والأمر الثاني وهو بر الوالدين نستعرض في هذا المقال تفسير هذه الآية وأهميتها والدروس المستفادة منها وكيف نقوم بتطبيقها في حياتنا اليومية.
تفسير وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا
تفسير الآية الكريمة:
(وقضي ربك)
وقضى ربك تشير الى حكم الله سبحانه وتعالى وأمره الذي لا يحتمل التفاوض او النقاش فهي تأكيد على الأهمية الضرورية للتوجيهات التي تأتي بعدها والقضاء هنا بمعنى الالزام والوجوب وهو يوضح ان كل ما سيأتي من أوامر في هذه الآية هو جزء مهم وأساسي من الدين الإسلامي ولا يمكن الإهمال أو التفريط فيه.
(الا تعبدوا الا اياه)
تؤكد هذه العبارة على مبدأ التوحيد والتوحيد هو العبادة الخالصة لله وحده دون أي شريك له في التوحيد والجوهر العقيدة الإسلامية ويعتبر هو أول وأهم ركن من أركان الإيمان عبادة الله سبحانه وتعالى وحده بمعنى ان يكون الانسان مخلصا في طاعته وعبادته لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وأن يوجه جميع افعاله ونواياه المخلصة لله سبحانه وتعالى ،حيث يعتبر هذا التوجيه الإلهي يجعل المسلم يعيش حياة تملؤها السكينة والطمأنينة.
(وبالوالدين احسانا)
فبعد تأكيد الله سبحانه وتعالى على التوحيد في هذه الآية تنتقل الآية الكريمة إلى حقوق الوالدين فهي تشدد على أهمية الإحسان إليهما بر الوالدين هو أحد أهم الواجبات التي يجب على المسلمين القيام بها فبر الوالدين والإحسان إليهما يأتي مباشرة في هذه الأيه الكريمة( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ) بعد التوحيد حيث يوجد العديد من الآيات القرآنية مما يعكس مدى اهمية هذا الامر وهو الإحسان الى الوالدين يعني الرعاية والعناية والاحترام والتقدير لهم في جميع الأحوال، كما يجب على الآباء أن يقدموا لوالديهم الدعم والمساعدة في كل ما يريدونه او يحتاجونه.
أهمية التوحيد وبر الوالدين
هذه الآية الكريمة( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا )هي من الآيات التي تجمع بين حقوق الله سبحانه وتعالى وحقوق العباد، التوحيد هو الأساس الذي يبنى عليه الإيمان وهو الذي يجعل الانسان يعيش حياة مطمئنة ويقوي علاقه العبد بربه متوكلا عليه ومخلصا له من جهة اخرى ،فان بر الوالدين يعكس التقدير والعرفان بالجميل لمن كان لهم الفضل الأكبر في وجودنا والقيام على رعايتنا تربيتنا حتى نكبر.
الأثر الاجتماعي لبر الوالدين
- الآية الكريمة تحث على بر الوالدين بر الوالدين له أثر كبير على الفرد والمجتمع وذلك عندما يكون الأبناء برينا بوالديهم ويكنون لهم الاحترام والتقدير.
- وعندما تكون الأسرة قوية ومتماسكة ينعكس ذلك ايجابيا على المجتمع ككل بر الوالدين يعزز القيم الأخلاقية والاجتماعية ومثال ذلك الرحمة والمودة والعطف والتضحية وهذه القيم هي أساس بناء مجتمع صالح وسليم.
النصوص النبوية المتعلقة ببر الوالدين
لقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على اهمية بر الوالدين في العديد من الأحاديث المختلفة ومنها : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: امك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال ثم ابوك.
وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم “من أرضى والديه فقد ارضى الله ومن اسخط والديه فقد اسخط الله”
“رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد” فهذا الحديث يوضح لنا ان بر الوالدين ليس فقط عملا صالحا بل وايضا سبب لنيل رضا الله سبحانه وتعالى ودخولنا الى الجنة، لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الجنة تحت اقدام الامهات” فذلك الحديث يظهر الأهمية الكبيرة للإحسان إلى الأم والتقدير العظيم الذي يجب ان يقدم الأبناء لأمهاتهم وايضا لآبائهم وليست الامهات فقط.
قصص من السيرة حول بر الوالدين
(وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا)
هناك قصص من السيرة النبوية تروي لنا العديد من القصص التي تبين عظمة بر الوالدين وأثره فهناك أحد هذه القصص هي قصة الصحابي الجليل رأي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلا يحمل امرأة عجوزا على ظهره ويطوف بها البيت الحرام: فسأله من هذه؟ قال له :انها امي، اتراني قد وفيتها حقها ياابن عمر؟ فقال له ابن عمر : والله مهما فعلت بها فلن يعدل ذلك طلقه واحده طلقتها فيك ساعة ولادتها. اي لم توفي بحقها ولو مقدار طلقة واحده من طلقات الولادة.
واخيرا:
ان اية( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا )هذه الآية تتضمن تلخيص مجموعة من القيم والمبادئ والأخلاق التي يجب على كل مسلم الالتزام بها ،التوحيد وبر الوالدين هما من أهم الركائز التي تبني شخصية المسلم وتقودها نحو حياة مليئة بالبركة والخير، فهنا يظهر التوازن بين حقوق الله وحقوق الوالدين يوضح الفهم الشامل للإسلام كدين يجمع بين العبادة والعلاقات الإنسانية، كما يجب على المسلمين الحرص دائما لتحقيق هذا التوازن ،كما يجب أيضا عليهم أن يظهروا الاحترام والتقدير لوالديهم كجزء من إيمانهم وعبادتهم لله سبحانه وتعالى .