قصة أصحاب الكهف
ورد فى القرآن الكريم قصة أصحاب الكهف، وهم مجموعة من الفتية المؤمنين الذين أمر الله بذكرهم في سورة الكهف. يذكر ذلك في الآيات من 9 إلى 25، حيث يقول الله تعالى: “إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذًا شططا ” صدق الله العظيم (سورة الكهف )
قصة أهل الكهف تعتبر من المعجزات العظيمة لله تعالى إذ يظهر فيها قدرة الله على حماية من يؤمنون به ويتجهون إليه بصدق وإخلاص.
فتية قصة أصحاب الكهف
هؤلاء الفتية الشجعان قرروا الفرار بدينهم من الكفار، واختاروا اللجوء إلى كهف معزول للاختباء فيه. مضت ثلاثمائة وتسع سنوات وهم نائمون في هذا الكهف، حتى استيقظوا بعد هذه المدة الطويلة، ووجدوا أنفسهم بكامل هيئتهم. بدأوا يتساءلون عن المدة التي أمضاها نائمين، ولكنهم سرعان ما تجاهلوا هذا التساؤل بسبب شعورهم بالجوع الشديد.
كان بحوزتهم بعض النقود التي كانت متداولة في زمنهم قبل أن يدخلوا في غفوتهم الطويلة. فقرروا إرسال أحدهم إلى المدينة للبحث عن طعام يمكنهم تناوله، ولكنه تفاجأ بأن المدينة قد تغيرت تماماً عن زمن مغادرتهم إياها. فباع ما كان معه من نقود لأحد الباعة، مما أثار دهشة البائع وباقي الناس في السوق.
قرر البائع ورفاقه أن يعرضوا النقود وصاحبها على السلطان. فعندما وصلت القصة إلى سمع السلطان، قرر بنفسه أن يزور مكان الكهف. وهناك، رأى الفتية الشجعان ورحب بهم، وفهم بأنهم شهدوا معجزة. ولكن بعد وقت قصير من ذلك، توفوا جميعًا في لحظة واحدة.
وقد أطلق على هذا الكهف اسم “الرقيم”، ويقال إن الرقيم هو اسم حجر على باب الكهف معلقًا عليه أسماء هؤلاء الفتية المؤمنين. تقع قرية الرقيم في الأردن، على بعد 5 كيلومترات من عمان.
وتناولت قصة أصحاب الكهف عدة روايات، منها ما رواه اليونانيون والرومان وغيرهم. لم يحدد عددهم تمامًا، ويقال إنهم كانوا 7 أو 8، بالإضافة إلى كلب يدعى قطمير.
وقد اشتهرت إحدى سور القرآن الكريم باسم “سورة الكهف”، نسبةً إلى قصة هؤلاء الفتية الشجعان الذين وجدوا النجاة في الكهف. رغم أن الكهف كان يبدو مخيفًا ومظلمًا، إلا أنه كان ملاذًا آمنًا. يذكر في القرآن الكريم: “وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ” . صدق الله العظيم “سورة الكهف ” وهكذا، يظهر الكهف في السورة كرمز للعصمة من الفتن، ودعوة للاعتصام بالله، حتى لو كانت الظروف مخيفة.
نام أهل الكهف ٣٠٩ سنة
يتحدث القرآن الكريم عن قصة أصحاب الكهف الذين ناموا في الكهف لمدة 309 سنوات في التقويم القمري، وهو ما يعادل 300 سنة في التقويم الشمسي. يعود هذا التفضيل إلى اختلاف في عدد أيام السنة بين التقويمين، حيث يعتبر التقويم القمري أقصر بـ 11 يومًا من التقويم الشمسي. وبالتالي، تكون هذه الأيام الإضافية ما يعادل 9 سنوات في التقويم القمري.
يمكننا من خلال هذه المعلومات أن ندرك الحكمة والعظمة التي تكمن وراء هذه القصة الرائعة، وكيف أن الله قادر على إدارة الزمن والمكان بطريقة تفوق فهمنا البشري. تذكيرًا لنا بقدرته العظيمة وحكمته البالغة في كل شيء، بما في ذلك تدبيره لزمان ومكان نوم أهل الكهف لمدة طويلة دون تغيير.
تفسير نوم أهل الكهف
لضمان نوم أصحاب الكهف بسلام وراحة خلال الفترة الطويلة التي قضوها في الكهف، ولحمايتهم من أي ضرر قد يصيبهم، ولجعل المكان مناسبًا لإقامتهم، قدَّم الله تعالى عدة أسباب:
أولاً: تعطيل حاسة السمع، حيث أن الأصوات الخارجية قد توقظ النائم، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله: “فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ” (الكهف: 11). ومن خلال هذا النص، يفهم أن الله تعالى تعطل حاسة السمع لأهل الكهف فى قصة أصحاب الكهف ما ساعدهم على النوم بسلام دون أن يزعجهم أي صوت خارجي.
وثانياً: حيث أن حاسة السمع هي الحاسة الوحيدة التي تعمل بصورة مستمرة في جميع الظروف، وتربط الإنسان بمحيطة الخارجي، فقد تم تعطيلها مؤقتاً عند أصحاب الكهف، مما ساعدهم على النوم بسكون وهدوء خلال فترة طويلة من الزمن.
بهذا التفسير، ندرك أن الله تعالى جعل لأصحاب الكهف ظروفًا ملائمة للنوم والراحة داخل الكهف، وحماهم من أي ضرر قد يصيبهم، مما يظهر عظمته ورحمته تجاه عباده.
فى عهد أى نبى كانت قصة أصحاب الكهف
حكى لنا ابن حميد عن الحكم بن بشير، الذي بدوره حدثنا عن عمرو – أي ابن قيس الملائي – في قوله: “أن أصحاب الكهف والرقيم”، حيث كانت الفتية يدينون بدين عيسى ابن مريم عليه السلام، ولكن ملكهم كان كافرا.
ملك اصحاب الكهف
قصة أصحاب الكهف تروي قصة مجموعة من الشباب الذين عاشوا في إحدى المدن، وكانوا يعانون من حكم ظالم وكافر لرجل يدعى دقيانوس. كان هذا الحاكم يجبر الناس على عبادة الأصنام وتقديم الذبائح والقرابين لهذه الأصنام.
في ظل هذا الوضع الصعب، قرر هؤلاء الشباب الوفاء بإيمانهم وعدم الانحياز لهذه الشركية. فقرروا الفرار والبحث عن مأوى آمن لهم، ووجدوا كهفًا يعتبرونه مكانًا مثاليًا لإخفاء هويتهم وعبادة الله وحده.
وهكذا، أصبح الكهف مأوى لهؤلاء الشباب المؤمنين الذين رفضوا الانحياز للظلم والشركية، واستمروا في عبادة الله الواحد الذين آمنوا به.
مكان الكهف المذكور في القرآن الكريم
الكهف المذكور في القرآن لم يحدد مكانه بشكل دقيق بالنسبة لنا، حيث ذكر بعض العلماء أنه قد يكون صخرة بيت المقدس، بينما ذكر آخرون أنه قد يكون قريبًا من أنطاكية أو طرسوس. لكن لا توجد لدينا أدلة قاطعة لتحديد موقعه بدقة. يشير كثيرون من أهل العلم إلى أن مدينة طرسوس، التي كانت تعرف سابقًا بإسم أفسوس، هي المدينة التي يعتقد أنه كانت موقع الكهف.
أما بالنسبة لنا، فيجب أن نستفيد من العبر والدروس التي تأتينا من قصة أصحاب الكهف.
الدروس المستفادة من قصة أهل الكهف
توجد فى قصة أهل الكهف العديد من المواعظ والحكم التي يمكن استخلاصها لتعزيز الإيمان والثقة بالله في قلوب المسلمين. تعلمنا من هذه القصة أهمية الثبات على الإيمان في وجه الابتلاءات والمصاعب، حيث رفض أصحاب الكهف الانحياز للضغوط الدينية التي تعرضوا لها.
إلى جانب ذلك، تظهر قوة وعناية الله بالعباد في قصة أصحاب الكهف، حيث حصلوا على رحمة وحماية الله داخل الكهف. وتحث هذه القصة على الصبر والثقة في الله أمام التحديات والابتلاءات، فأصحاب الكهف استطاعوا تجاوز الصعوبات بثقتهم في الله.
وأخيرًا، نجد في قصة أصحاب الكهف التوكل على الله والاعتماد عليه في جميع الأمور، حيث وثقوا بحمايته ورعايته. لذلك، يمكننا أن نستلهم العبر والحكم من قصة أهل الكهف لنعزز إيماننا وثقتنا بالله في حياتنا اليومية.