بروتوكول جديد من مستشفى التخصصي يقربنا من عالم خالٍ من الأمراض المعدية
بروتوكول الميتاجينوم الذي نجح في تطويره مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث يمثل إنجازًا بارزًا في تشخيص الأمراض المعدية التي تعجز الوسائل التقليدية عن تحديد مسبباتها. هذا البروتوكول يعتمد على تحليل شامل للشفرة الوراثية للميكروبات المسببة للعدوى لدى المرضى الذين لم تستجب أجسامهم للعلاج التقليدي، والذين عجزت الأساليب التشخيصية التقليدية عن تفسير أعراضهم. باستخدام تقنيات الجيل الثاني والثالث للتسلسل الجيني، يسعى هذا الإنجاز إلى الوصول لهدف طموح وهو “صفر حالة غير مشخصة” في المستشفى، مما يساهم بشكل إيجابي في تحسين خطة العلاج، وتسريع النتائج، وتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفى.
فمنذ بدء تطبيقه ، تم استخدامه مع أكثر من 100 مريض حتى الآن، حيث تم تحليل عيناتهم وكشف عن مسببات أمراض لم يكن بالإمكان تحديدها بالطرق التقليدية في أكثر من نصف الحالات. كما أظهرت التحليلات وجود خصائص مقاومة للمضادات الحيوية في نسبة كبيرة من العينات، مما ساعد الأطباء على اختيار الأدوية المناسبة لمكافحة هذه العدوى بفعالية أكبر.
تشير الإحصائيات إلى أن نصف عينات الدم وحالات الأمراض التي تسبب الإسهال لا يمكن تحديد مسبباتها بشكل دقيق، وينطبق الأمر ذاته على ما يقارب ثلثي حالات التهاب الدماغ (السحايا)، بالإضافة إلى ربع حالات الالتهاب الرئوي، و20% من حالات تسمم الدم (الإنتان). هذه الأرقام تؤكد الحاجة الملحة إلى اعتماد بروتوكول تشخيص متقدم يعتمد على تقنية الجينوم الكامل لتحديد المسببات المرضية بدقة أكبر.
وباستخدام هذا البروتوكول، يتمكن المرضى من الحصول على نتائج دقيقة للغاية في غضون 24 ساعة فقط، وهي فترة زمنية استثنائية تتوفر في عدد محدود من المستشفيات على مستوى العالم. بفضل هذه السرعة والدقة، يستطيع الأطباء تحديد الفيروس أو الفطر أو البكتيريا المسؤولة عن العدوى بدقة، مما يسمح باختيار العلاج الأنسب وفقًا للتركيب الجيني للمريض وخصائص المسبب المرضي، مما يؤدي إلى تخصيص العلاج بشكل مثالي.
يوفر البروتوكول المطور القدرة على تحليل تسلسل ملايين الأجزاء من الحمض النووي أو الحمض النووي الريبوزي في وقت واحد، مما يتيح اكتشاف عدة كائنات دقيقة مسببة للأمراض في إجراء واحد. هذا يشمل حتى الكائنات التي يصعب زراعتها أو تحديدها باستخدام التقنيات التقليدية. كما يسهم تطبيق البروتوكول على نطاق واسع في تتبع تفشي الأمراض، والسيطرة على العدوى، واكتشاف الطفرات والمسببات المرضية.