الضحايا المدنيون تضحية لابد منها.. السنوار
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن محتوى رسائل مسربة من يحيى السنوار ، بعد قرار مجلس الأمن بتبني المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار في غزة، وإعلان الدائرة السياسية في حماس بالخارج موافقتها على قرار الأمم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار، وتأكيد استعداد الحركة للتفاوض حول تفاصيل وآليات تنفيذ القرار، ، رئيس حركة حماس في غزة، إلى الوسطاء وأعضاء المكتب السياسي في الخارج خلال الأشهر الماضية.
وأكد السنوار في هذه الرسائل أن استمرار القتال وسقوط المزيد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين يخدم مصلحة الحركة.
وشدد السنوار على أن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين سيزيد الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية، واصفاً هذه “التضحيات” بأنها ضرورية. تأتي هذه التصريحات في سياق نهج تتبعه حركات مسلحة في المنطقة تستغل الموت ودماء المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية، دون اعتبار لمصلحة أوطانها.
في حواره مع غرفة الأخبار على “سكاي نيوز عربية”، نفى الدكتور نشأت الأقطش، أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، أن يكون استهداف المدنيين هدفاً لكل فلسطيني. وأكد على وجود عدوان إسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، مشددًا على أن الادعاء بأن هذا الاستهداف يخدم مصالح حركة حماس لا أساس له من الصحة.
وأضاف الأقطش أن هذا الاستهداف يخدم بالأساس مصلحة الاحتلال الإسرائيلي ويُستخدم كأداة للضغط على حركة حماس.
الادعاء بأن حركة حماس تستهدف المدنيين عمدًا هو أمر غير منطقي.
الحرب الحالية لها انعكاسات شديدة ووحشية على الفلسطينيين، إذ لا تقتصر آثارها الوخيمة على غزة فقط، بل تمتد لتشمل العديد من المناطق الفلسطينية الأخرى.
لا يُعتبر الاعتماد بشكل كامل على التصريحات الصادرة من وسائل الإعلام الغربية، وخاصة الصحافة الأميركية، موثوقًا به، نظرًا لتجسيد تحيز واضح لصالح إسرائيل في كثير من الأحيان.
نتنياهو هو من يستهدف المدنيين، حيث يسعى إلى ممارسة الضغط على المقاومة من خلال استهدافهم، نظرًا لعدم قدرته على مواجهة العسكريين بشكل مباشر.
سيظهر الدمار غير المسبوق في التاريخ بشكل أكثر وضوحًا بعد انتهاء الحرب، مما يعني أن المأساة ستكشف حقيقتها بوضوح.
حركة حماس ليست بداية النضال الفلسطيني، بل هي جزء من سلسلة طويلة من الكفاح الفلسطيني المستمر.
النضال الفلسطيني لن يتوقف أبدًا، ولن ينتهي حتى لو اندثرت حركة حماس.
في هذه المرحلة الحساسة، يحتاج الشعب الفلسطيني بشدة إلى تحقيق وحدة وطنية من خلال اتفاق وطني، وأيضًا إلى التوجه نحو العالم بشرعية دولية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية.
من وجهة نظره، يؤكد الكاتب والباحث السياسي منير أديب أن إسرائيل ورئيس وزرائها يتحملان المسؤولية الأساسية عن الهجمات ضد المدنيين.
كما أوضح أن حركة حماس اتخذت قرار الحرب بشكل فردي ودون التشاور مع الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وهو منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، مما يضع عليها جزءًا من المسؤولية أيضًا.
من الضروري مساءلة حركة حماس بعد انتهاء هذه الحرب، خاصة من خلال إعادة النظر في القرارات التي اتخذتها والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 40 ألف فلسطيني. هذا ما أشارت إليه السلطة الفلسطينية وعدد من القيادات الفلسطينية الأخرى.
مقارنة السنوار بين ما حدث في فلسطين والمقاومة الجزائرية لم تكن موفقة لأسباب متعددة.
حركة حماس تمثل جزءًا من جماعة الإخوان، وتتبنى مشروعًا تحرريًا في إطار مشروعها السياسي، وقد انقلبت على السلطة الفلسطينية.
أكدت معظم التقارير الاستخباراتية أن إسرائيل قدمت دعمًا لانقلاب حركة حماس على السلطة الفلسطينية، نظرًا لاعتقادها أن هذا الانقلاب سيؤدي إلى زيادة التمزق بين الشعب الفلسطيني. ومن خلال هذا الدعم، تسعى إسرائيل إلى تأخير تحقيق فكرة إقامة الدولة الفلسطينية التي تعارضها بشدة.
المقارنة بين مشروع حماس، الذي يعتمد على النهج السياسي، وحركة الوحدة العربية التي تمثل حركة التحرير في الجزائر، تعتبر مقاربة غير دقيقة.
تحركات حماس تستند إلى منطلقات تحررية تخدم الأيديولوجيا أو المشروع السياسي الذي تسعى الحركة لتحقيقه، ويتمثل هذا المشروع في فكرة السيطرة داخل قطاع غزة، حيث ترى نفسها الممثل الوحيد للفلسطينيين بعيداً عن السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
من المفترض أن تكون حماس وجميع الفصائل المسلحة الأخرى جزءًا من المشروع الوطني الفلسطيني، وفقًا لرؤية منظمة التحرير الفلسطينية. وبالتالي، لا يمكن النقاش حول وقوع خطأ من جانب حماس؛ حيث يكون الجهة المخولة بمحاسبتها هي منظمة التحرير والشعب الفلسطيني.
قد ابتعدت حركة حماس عن المشروع الوطني الفلسطيني، سواء كان ذلك المشروع يتمثل في خيار السلام فقط أو مزيجًا من مفهومي السلام والحرب.
يجب على حماس أن تبادر إلى التعاون مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وعليها أيضًا معالجة تداعيات الانقسام والتشظي الذي سببته داخل الساحة الفلسطينية، وخاصة بعد الانقلاب الذي حدث في قطاع غزة.
زاد الانقسام من تصاعد الصراع الفلسطيني ومنح إسرائيل فرصة للمضي قدما في معارضتها لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ينبغي على حركة حماس وباقي فصائل المقاومة التوصل إلى اتفاق يعزز الوحدة الوطنية الفلسطينية.