عملت المملكة العربية السعودية على مواكبة التحولات الحضرية في المدن وركزت على تحويلها إلى مدن ذكية من خلال تسخير المبادرات لدعم التحول الرقمي وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتسهيل حياة الأفراد كما سعت إلى تمكين الجهات الحكومية من إدارة المدن الذكية والاستفادة من الخدمات السحابية والبيانات الوطنية لدعم اتخاذ القرار.
ووفقاً لتقرير حديث صادر عن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي سدايا بعنوان نحو بناء مدن ذكية آمنة فقد أسفرت جهود المملكة عن ظهور خمس مدن سعودية في مؤشر (IMD) للمدن الذكية لعام 2024م وهو مؤشر عالمي يقيس مستوى التطور الفعلي للمدن الذكية حول العالم.
جاءت الرياض في المرتبة الثالثة عربياً والخامسة والعشرين عالمياً تلتها مكة المكرمة في المرتبة الخامسة عربياً والاثنين والخمسين عالمياً ثم جدة في المرتبة السادسة عربياً والخامسة والخمسين عالمياً تليها المدينة المنورة في المرتبة السابعة عربياً والرابعة والسبعين عالمياً وأخيراً جاءت الخبر في المرتبة التاسعة والتسعين عالمياً من إجمالي 142 مدينة شملها المؤشر.
اعتمدت المدن الذكية في المملكة العربية السعودية على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين جودة الحياة ومن الأمثلة البارزة:
تطوير عدادات كهرباء ذكية وإطلاق تطبيقات متخصصة في القطاع الصحي مثل تطبيق “صحة” و”طمني” واستخدام الأساور الذكية لخدمة المعتمرين والحجاج وإطلاق منصة “ناجز” لتوفير خدمات عدلية إلكترونية موحدة وإنشاء منصة “مدرستي” لتكوين منظومة تعليمية متكاملة.
بحسب التقرير شهدت دول العالم زيادة في الإنفاق على تقنيات المدن الذكية بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية والتقنيات مثل إنترنت الأشياء (IOT) والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.
تعمل المدن الذكية على خلق مجتمعات أكثر أماناً وكفاءة واستدامة من خلال الابتكار التقني وتمكين اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات هذه المدن تمثل الجيل القادم من البنية التحتية الحيوية التي تدعم كافة جوانب الحياة اليومية.
يعتبر خبراء التخطيط العمراني أن المدن الذكية هي إحدى الحلول الحديثة لمواجهة التزايد السريع في عدد السكان نتيجة الهجرة إلى المدن وتوقع تقرير الهجرة الحضرية العالمي الصادر عن الأمم المتحدة أن يصل نسبة سكان المناطق الحضرية في العالم إلى 68% بحلول عام 2050 مما يبرز الحاجة إلى زيادة الإنفاق العالمي على تقنيات المدن الذكية والاستثمار في البنية التحتية والتقنيات اللازمة لهذه المدن.
استعرض التقرير مفهوم المدن الذكية كما حددته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بأنها مبادرات تستفيد من التقنيات الرقمية لتعزيز رفاهية المواطنين وتقديم خدمات حضرية وبيئات أكثر كفاءة واستدامة وتناول التقرير أيضاً موضوع الأمن السيبراني وأهميته في ظل اعتماد المدن الذكية على التقنيات الرقمية مما يزيد من احتمالية تعرضها للتهديدات السيبرانية.
كما أبرز التقرير الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لمواكبة التحولات الحضرية وتحويل المدن إلى مدن ذكية وذلك من خلال تسخير المبادرات لدعم التحول الرقمي وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما سلط التقرير الضوء على جهود الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في تمكين المدن الذكية ودعم التحول الرقمي الحكومي ومن بين هذه المبادرات: المنصة الوطنية للمدن الذكية (Smart C) والسحابة الحكومية (ديم) وبنك البيانات الوطني ومنصة استشراف ومنصة سواهر وتطبيق توكلنا والمنصة الوطنية للعمل الخيري (إحسان) ونفاذ.
وعلى الرغم من أهمية المدن الذكية في معالجة العديد من التحديات التنموية مثل الزيادة السكانية والازدحام المروري وسرعة الإنترنت إلا أنها تواجه تحديات كبيرة أبرزها الأمن السيبراني.
هذا التحدي يزداد تعقيدًا مع تزايد ارتباط مكونات المدن الذكية بشبكة معقدة من الأنظمة المترابطة الضرورية لعمل الخدمات الذكية مما يؤدي إلى زيادة استغلال الثغرات الأمنية في هذه الخدمات على مستوى عالمي.
وسع التقرير في شرح أهمية الأمن السيبراني في المدن الذكية نظراً لاعتمادها الكبير على البنية التحتية الرقمية المترابطة مما يجعلها عرضة للهجمات السيبرانية.
يعزز هذه الأهمية النمو السريع للمدن الذكية مخاطر سلاسل توريد تقنية المعلومات والاتصالات وزيادة أتمتة عمليات البنية التحتية وحماية البيانات والخصوصية ونقاط الضعف في البنية التحتية.
كما أوضح التقرير تأثير التهديدات السيبرانية على المدن الذكية وأبرز المخاوف المتعلقة بالهجمات السيبرانية مثل اختراق البيانات وأنظمة البنية التحتية.
تشمل الآثار السلبية لهذه الهجمات انتهاك الخصوصية وإتلاف أو التلاعب بالبيانات وسرقة البيانات وابتزاز الأفراد والشركات وتعطيل أنظمة البنية التحتية.
استعرض التقرير أفضل الممارسات في مجال الأمن السيبراني للمدن الذكية مشيراً إلى دور أطر العمل في تعزيز الأمن السيبراني من خلال تطوير سياسات وإجراءات للتعامل مع الهجمات السيبرانية وتحليل التهديدات وتنفيذ التدابير الوقائية.
كما تناول التقرير بروز مجموعة من الممارسات الأمنية التي تهدف إلى تقليل المخاطر المحتملة وتجنب التهديدات السيبرانية بالإضافة إلى تحقيق التوازن بين الكفاءة والابتكار والأمن السيبراني وحماية الخصوصية.
