إسلاميات

طرق الثبات على الدين

معنى الثبات على الدين هو الاستمرار في طريق الهداية، والمداومة على فعل الخير والسعي الدائم لاستزادة، ومهما فتر المرء فهناك مستوى معين لا يقبل التنازل عنه أو التقصير فيه، وان زلت قدمه فلا يلبث ان يتوب وربما كان بعد التوبة خيرا مما كان قبلها، فهذا يكون وضع من اتصف بخلق الثبات على الدين.

و الثبات بمعنى الدوام والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم من غير انحراف ومن غير عوج، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول” يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك”

إن الثبات على دين الله هو النجاة في الدنيا والآخرة وهو السعادة الأبدية، وهو الموصل الى الجنة والنجاة من النار

أهمية الثبات على دين الله

ان الدين هو الذي يميز المسلمين عن غيرهم وهو الذي يهدف إليه العدو ليضرب فيه أهله، ذلك أن المؤمنين عندهم ما ليس عند غيرهم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك” فالله سبحانه وتعالى هو القادر على ذلك، ولا يكون ذلك إلا بتوفيق ورضا من الله برحمة منه

من صور الثبات 

طلب الثبات على الدين من الله تعالى

الثبات على الدين قضية يهتم بها المسلم وتشغل تفكيره، فيجب على المسلم أن يكثر من الدعاء بها فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول” يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك”

الثبات في وقت الفتن

ومن صور الثبات على الدين في أيام الفتن الصبر: في أيام الفتن التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم “الصبر في هنا مثل القبض على الجمر” وفي رواية أخرى “يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه كالقابض على الجمر” ومن ذا الذي يثبت قابضا على الجمر فهذا التشبيه من النبي صلى الله عليه وسلم بأن الثابت من هؤلاء العباد له أجر خمسين من الصحابة، وان من أشد ما يلقاه المسلمون من الفتن هي فتنة المسيح الدجال حينما يخرج الدجال ويعيث يمينا وشمالا، الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أمته بوصية في ذلك الوقت “يا عباد الله اثبتوا”

الثبات امام الاعداء

ويوجد للثبات صورا عديدة من جوانب حياة المسلم منها الثبات في المعركة امام الاعداء كما ثبت الربيون الكثير من أنبيائهم وكان قولهم” ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا” وفي ذلك اشارة الى توجيه للمسلم أن يلجأ إلى الله ويطلب منه الثبات

ويعد من الكبائر الفرار من الزحف ولذلك كان من الوصايا العشرة التي اوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس واذا اصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت لأن الثبات على الدين يزيد المؤمن قوة وعزة ويقع في النفوس العدو الخوف والرهبة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمق هذا المعنى يوم الأحزاب وهو ينقل التراب وقد وارى التراب بطنه وهو يقول” لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا ،فأنزل السكينة علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الألى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة ابينا”

المتذبذب يفتن الناس

فمن وفقه الله تعالى الثبات على الدين فهو سعيد في الدنيا والآخرة وختم له بخير ومات وهو يعمل عمل أهل الجنة إلى أن يرزق الله التثبيت حين يسأل،

وقد كان من وسائل أهل الكتاب في زعزعة صفوف المسلمين كانوا يتظاهرون بالدخول في الإسلام ثم بعد ذلك يرتدون ليرتد معهم آخرون قال الله تعالى في ذلك” وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون”

سنجد كثير من الأدعية تركز على معنى الثبات على الدين ومن ذلك  دعاء عبد الله بن مسعود” اللهم اني اسالك ايمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد” وقال شداد بن أوس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ويقول” اللهم اني اسالك الثبات في الأمر وأسألك عزيمة الرشد”

من صور الثبات المداومة على الطاعات

المداومة على الطاعات تعتبر من أهم صور الثبات، فيجب على المؤمنين المثابرة عليها يروي الترمذي من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة” “وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته” أي داومت عليه، وحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم اي العمل احب إلى الله؟ قال” ادومه وان قل”

الثبات مظهر الاستقامة

الثبات مظهر واضح للاستقامة لان المتقلب المذبذب لا يقدر على الثبات على الدين ولا يقوى على الاستقامة، وكان الصحابة دائما يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لهم بالثبات، فقد كان الواحد من الصحابة يقول يا رسول الله حدثني بعمل استقيم عليه واعمله ، فأجابه باوجب الواجبات وقتها “عليك بالهجرة فإنه لا مثل لها” وفي حجة الوداع والرسول صلى الله عليه وسلم يدعو للصحابة بالثبات على هجرتهم الى المدينة حتى تقوى بهم الدولة الناشئة” اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم”

ما هي أهم اسباب الثبات على الدين

هناك الكثير من الأسباب التي تساعد على الثبات على الدين والهداية والاستقامة فمن هذه الأسباب ما يلي:

البعد عن المحرمات

يجب على كل مسلم البعد عن كل ما نهى الله عنه ولا يتبع هوى نفسه واتباع شهواته لأنها السبب في السير خارجا عن صراط الله المستقيم، وكلما بعد العبد عن طريق الله وجد متسعا لوساوس الشيطان فبالتالي يكون ضعيف الإيمان ويتجه الى ما حرم الله ويسلك طريقا غير طريق الله

مصاحبه الصالحين ومجالستهم

اصطحاب الصالحين ومرافقتهم والجلوس معهم، يوجب الهداية للعبد لأنه خير معين على طاعة الله تعالى والصالحين سبب لمغفرة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم” مقارنة بعكس ذلك فان احد الاسباب الرئيسية للاتجاه والسعي وراء المعاصي والقيام بها هو مصاحبة السوء ومرافقتهم الذين يتبعون المعاصي ويعينون عليها

قراءة القرآن

القرآن الكريم هو أعظم وسيلة للثبات فهو حبل الله المتين والنور المبين من تمسك بالقرآن عصمه الله وانجاه الله ومن دعا اليه هدي الى صراط المستقيم

ما اجمل قراءة القرآن وتدبر معانيه فقراءة القرآن من أكثر الأشياء التي تعين صاحبها على الثبات على الدينوعلى الاستقامة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الناس إيمانا وثباتا للدين كان يقوم الليل ويقرأ القرآن حتى تتفطر قدماه، فذلك يدل على أن القرآن الكريم له الأثر الكبير في الاستقامة والصلاح والقرب من الله والنجاة من الدنيا والفوز بالآخرة ودخول الجنة

طلب العلوم الدينية والشرعية

فكل من أراد معرفة العلوم الدينية والشرعية والتفكر في الدين هو الذي يوصل صاحبه إلى معرفة الله تعالى “من أراد الله به خيرا يفقهه في الدين” معرفة كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بهما وفهمهما بالطريقة الصحيحة

رفقة العلماء والجلوس والاستماع إليهم والأخذ من علمهم

العلماء ورثة الأنبياء في الجلوس مع العلماء  والاستفادة من علمهم وكثرة ذكر الله والتقرب الى الله تعالى ومعرفته فيجد المسلم الراحة والسكينة والطمأنينة في قلبه في الجلوس مع العلماء فيه البركة، والخير، بالبحث عن العلماء والصالحين والدعاة المؤمنين فيجب علينا الالتفاف حولهم فهم أكثر معين على الثبات على الدين والهداية الى الطريق الصحيح، ومن هنا تظهر قيمة العلماء والدعاة فهم كمصدر أساسي للتثبيت،  فإخوانكم الصالحون هم العون لك في الطريق الصحيح والركن الشديد الذي تأوي إليه ليثبتوك بما معهم من آيات الله والحكمة وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم

العمل بما في القرآن والسنة

يجب علينا الاقرار بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ودراسته وفهمه والعمل بما فيهما: فيجب طاعة الله تعالى ورسوله فيما امر به وما نهى عنه ويجب علينا الاتعاظ بمواعظ الآيات والأحاديث وفهمها

كثرة الدعاء بالهداية والثبات على دين الله

وذلك يكون بالتضرع الى الله والتذلل بالدعاء الصادق والاخلاص لله تعالى في طلب الهداية والثبات على دين الله، فهو القادر على ذلك قال تعالى” ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه انك انت الوهاب” من صفات عباد الله المؤمنين أنهم دائما يتوجهون الى الله بالدعاء على ان يثبتهم على الدين الصحيح قال الله تعالى” ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول ” يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”

الثبات على الحق

ومن اهم وسائل الثبات على الدين و على الحق ان يتوجه الإنسان بقلب خاشع لله على أن يثبته الله على الدين وعلى الحق، فإن الثبات على دين الله مطلب أساسي لكل مسلم يريد سلوك الصراط المستقيم بكل عزيمة واصرار

ذكر الله

ذكر الله هو من أعظم أسباب الثبات على الطاعة، ومن أمثلة الثبات على الطاعة، وبماذا استعان يوسف عليه السلام في الثبات آمام فتنة امرأة العزيز؟ المرأة ذات المنصب والجمال لما دعته” قال معاذ الله” فلم ينساق الى هواه والى شهواته فتكسرت أمواج جنود الشهوات على أسوار حصن، وهكذا تكون فاعلية الأذكار وتأثيرها في تثبيت المؤمنين على دينه الحق

وصية الرجل الصالح

إذا تعرض المسلم لفتنة يبتليه الله تعالى وليمحص يكون من عوامل الثبات على الدين ان يسخر الله رجلا صالحا يقدم له الموعظة ويثبته على الدين ويقول له كلمات ينفع الله بها ويسدد خطاه، وهذه الكلمات تكون مليئة  بالتذكير والعظة والتذكير بالله تعالى ولقائه والجنة والنار

مراقبة الله عز وجل وحفظه

روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك”

” احفظ الله يحفظك تدل على أن المسلم كلما حفظ دين الله حفظه الله أي حفظه الله في بدنه، حفظه الله في أهله، حفظه الله في ماله ،حفظه الله في دينه وهذا اهم الاشياء لان المسلم كلما اهتدى زاده الله هدى وكلما ضل بالله فإنه يزداد ضلالا

لماذا القران الكريم مصدرا أساسيا للتثبيت

والإجابة على ذلك لأن القرآن الكريم تزرع الايمان في قلوب المؤمنين وتقوي صلة العبد بربه ولان آيات القرآن الكريم تنزل بردا وسلاما على قلوب المؤمنين في تحميه من وساوس الشياطين ويطمئن قلبه بذكر الله” الا بذكر الله تطمئن القلوب”، انه يرد على الشبهات التي يثيرها اعداء الاسلام من الكفار والمنافقين، ويا ليت الذين يطلبون العلم يجعلون للقرآن الكريم نصيبا كبيرا من طلبهم هذا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى