اروع ابيات المتنبي
اروع ابيات المتنبي، من منا لا يعرف مقولته المشهورة “الليل والخيل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم”، أبو الطيب المتنبي أعظم شعراء العرب وأكثرهم تمكنا في اللغة العربية بمفرداتها وأصول البلاغة فقد وصل لمنزله لم يصل إليها أحد من الشعراء وخلد اسمه في تاريخ الأدب العربي .
ابيات المتنبي ، حيث يعود نسب المتنبي لقبيلة في اليمن وقد بدأ في كتابة الشعر في التاسعة من عمره وكان ولا يزال حتى اليوم مصدر إلهام لكثير من الشعراء والأدباء فهو شاعر الحكمة والمدح والفخر ، وصاحب الحكمة المعروفة” ما كل ما يتمنى المرء يدركه .. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”.
علاقة المتنبي بسيف الدولة الحمداني واروع ابيات المتنبي؟
رحل المتنبي إلى بلاد الشام وعمره 18 عام وكان يهدف إلى الري والوصول للمجد فأخذ ينظم شعر المديح ، ووقتها كان هناك حروب وصراع على السلطة وانتهت بسيطرة سيف الدولة الحمداني على حلب مما دفع المتنبي يمدح بعض الرجال الذين حاربوا في هذه المعارك ووجد في سيف الدولة صفات القائد الشجاع والفارس المغوار والغيور على دينه والمخلص للعرب ولبلاده ومن هنا نشأت العلاقة بينهما وعاش المتنبي أزهى عصوره في كنف سيف الدولة المتنبي ونظم فيه الشعر الذي خلد ذكره حتى الآن.
اروع ابيات المتنبي يمدح سيف الدولة الحمداني
- عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
- وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
- وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
- وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
- يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
- وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
- وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
- وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
- يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ
- نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
- وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
- وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
- هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
- وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
- سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
- فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
- بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
- وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
الحب في حياة المتنبي؟
يقال أبي الطيب أحب خولة أخت سيف الدولة الحمداني وكانت تربطه بالملك علاقة صداقة قوية وقد ظهر هذا الحب ولكن وقت رثاء خولة عندما بلغه نبأ وفاتها حيث قال الباحثين والدارسين أنه لم يكتب في رثاء أحد مثلما كتب في رثاء أخت سيف الدولة فيتضح في كلماته الشجن والحزن الشديدة قائلا.
- ﻳﺎ ﺃُﺧﺖَ ﺧَﻴﺮِ ﺃَﺥٍ ﻳﺎ ﺑِﻨﺖَ ﺧَﻴﺮِ ﺃَﺏٍ
- ﻃَﻮﻯ ﺍﻟﺠَﺰﻳﺮَﺓَ ﺣَﺘّﻰ ﺟﺎﺀَﻧﻲ ﺧَﺒَﺮٌ
- ﻓَﺰِﻋﺖُ ﻓﻴﻪِ ﺑِﺂﻣﺎﻟﻲ ﺇِﻟﻰ ﺍﻟﻜَﺬِﺏِ
- ﺣَﺘّﻰ ﺇِﺫﺍ ﻟَﻢ ﻳَﺪَﻉ ﻟﻲ ﺻِﺪﻗُﻪُ ﺃَﻣَﻼً
- ﺷَﺮِﻗﺖُ ﺑِﺎﻟﺪَﻣﻊِ ﺣَﺘّﻰ ﻛﺎﺩَ ﻳَﺸﺮَﻕُ ﺑﻲ
- ﻳَﻈُﻦُّ ﺃَﻥَّ ﻓُﺆﺍﺩﻱ ﻏَﻴﺮَ ﻣُﻠﺘَﻬِﺐ
ٍ
- ﻭَﺃَﻥَّ ﺩَﻣﻊَ ﺟُﻔﻮﻧﻲ ﻏَﻴﺮُ ﻣُﻨﺴَﻜِﺐِ
- ﻓَﻠَﻴﺖَ ﻃﺎﻟِﻌَﺔَ ﺍﻟﺸَﻤﺴَﻴﻦِ ﻏﺎﺋِﺒَﺔٌ
- ﻭَﻟَﻴﺖَ ﻏﺎﺋِﺒَﺔَ ﺍﻟﺸَﻤﺴَﻴﻦِ ﻟَﻢ ﺗَﻐِﺐِ
يقول بعض الباحثين والدارسين أن المتنبي لم يحب ابدا بل كان يفكر دائما في الوصول لمكانة عالية وفي السلطة والشهرة والرقي ، ولكن هذا الكلام يبدو بعيدا عن المنطق ، ولكن ابيات شعر المتنبي تقول غير ذلك.
- ﻭﻋَﺬَﻟْﺖُ ﺃﻫْﻞَ ﺍﻟﻌِﺸْﻖِ ﺣﺘﻰ ﺫُﻗْﺘُﻪُ
- ﻓﻌﺠﺒﺖُ ﻛﻴﻒَ ﻳَﻤﻮﺕُ ﻣَﻦ ﻻ ﻳَﻌﺸَﻖُ
- ﻭَﻋَﺬَﺭْﺗُﻬُﻢْ ﻭﻋَﺮَﻓْﺖُ ﺫَﻧْﺒﻲ ﺃﻧّﻨﻲ
- ﻋَﻴّﺮْﺗُﻬُﻢْ ﻓَﻠَﻘﻴﺖُ ﻣﻨﻬُﻢْ ﻣﺎ ﻟَﻘُﻮﺍ
اروع ابيات المتنبي
ويظهر في أبيات الشعر التالية أن المتنبي كان يلوم العاشقين وهو صغير ولكنه عذرهم بعد أن ذاق الحب حتى يقول أنه يشعر باستغراب ممن يموت ولم يدخل الحب قلبه ، وهذا ما يدل على و وقوعه في الحب وهيامه بحبيبته.
- ﻛﺘﻤﺖُ ﺣـﺒّﻚ ﺣﺘﻰ ﻣﻨْﻚِ ﺗﻜﺮﻣﺔً
- ﺛﻢَّ ﺍﺳﺘﻮﻯ ﻓﻴﻪِ ﺇﺳﺮﺍﺭﻱ ﻭﺇﻋﻼﻧﻲ
- ﻛﺄﻧَّﻪ ﺯﺍﺩَ ﺣﺘّﻰ ﻓﺎﺽَ ﻋﻦْ ﺟﺴﺪﻱ
- ﻓﺼﺎﺭَ ﺳﻘﻤﻲ ﺑﻪِ ﻓﻲ ﺟﺴﻢِ ﻛﺘﻤﺎﻧﻲ
ويبدو أن المتنبي لا يحب الخمر والمجون وتعدد الحبيبات مثل غيره من الشعراء الذين يتفاخرون بذلك بل كان يحب أن تكون صورته صورة الشخص المحترم الصادق الشجاع والقوي ، وربما كتم اسم حبيبته احتراما لها وخوفا على مشاعرها أو ربما كانت خولة أخت سيف الدولة الذي بالطبع كان سوف يرفض هذا الحب ويحاربه .
- وفي رثاء أم سيف الدولة الحمداني قال المتنبي كلماته الشهيرة
- ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا .. لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
- وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ .. ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
اروع ابيات المتنبي “هجاء فظ”
المعروف عن المتنبي ذكاؤه الشديد وفطنته وقدرته على الهجاء بشكل لا يوصف وإبداعه في الحكمة تجعله ماكينة بشرية تطلق الحكم بشكل سريع عفوي غير منقطع ، ويحكى أن أحد الأشخاص اعترض طريق المتنبي ذات اليوم لكي يكتب له قصيدة مديح ولكن المتنبي فر منه هاربا ، وأهداه قصيدة هجاء من أقبح الهجائيات في الشعر العربي عرض فيها بشرفه وشرف زوجته ووالديه ومنها.
- ومن البليَّةِ عذلُ من لا يرعوي *** عن غيِّهِ .. وخطابُ من لا يفهَم!
- وإذا أشارَ مُحدِّثًا فكأنَّــهُ *** قردٌ يُقَهْقِهُ أو عجوزٌ تلطِــــمُ!
وهناك قصيدة أخرى للمتنبي كان يهجو فيها كافور مصر وقتها “الإخشيدي ” على سوء تعامله معه حينما ذهب إليه يشكو من سيف الدولة الحمداني قائلا.
- ما كُنْتُ أحسبُني أحيا إلى زمنٍ *** يُسيئُ بي فيهِ كلُبٌ وهُوَ محمودُ!
- لا تشترِِ العبدَ إلا والعصا معَهُ *** إن العبيدَ لأنجاسٌ مناكيدُ!
ولم يسكت المتنبي عند هذا الحد بل كتب الهجاء في مصر التي كان يحكمها كافور الإخشيدي آنذاك قائلا:
- أكلما اغتالَ عبدُ السوءِ سيدَهُ *** أو خانَهُ فلهُ في مصر تمهيدُ ؟!
- نامتْ نواطيرُ مصرٍ عن ثعالبِها *** فقدْ بشِمْنَ وما تفنى العناقيدُ
- صارَ الخصيُّ إمامَ الآبقينَ بها *** فالحُرُّ مُستَعْبَدٌ والعبدُ معبودُ!
- ولم يتوقف عند هذا الحد أيضا بل هجا أهل مصر قائلا
- إني نزلْتُ بكذابينَ ضيفُهُمُ *** عن القِرَى وعن الترحالِ محدودُ
- جودُ الرجالِ من الأيدي و جودُهُم *** من اللسانِ فلا كانوا ولا الجودُ
- ما يقبضُ الموتُ نفسًا من نفوسِهِمُ *** إلا وفي يدِه من نتْنِها عودُ!
اروع ابيات المتنبي .. ماكينة حكم
وإذا تحدثنا عن الحكم والمواعظ فالمتنبي لها ، فلم تخلو أي قصيدة من قصائده من الحكم التي لا زلنا نستخدمها حتى يومنا هذا ومنها:
أكثر حكمة وقت الحزن والإحباط
- عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ *** بما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ ؟!
- أما الأحبَّةُ فالبيداءُ دونَهُمُ *** فليتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيـــدُ!
وأيضا الحكمة التي نستخدمها عندما نفقد الشغف
- لم يترُكِ الدهرُ من قلبي ولا كبدي *** شيئًا تُتَيِّمُهُ عينٌ ولا جيدُ
- يا صاحبيَّ .. أخمرٌ في كؤوسِكُما *** أم في كؤوسِكُما همٌّ وتسهيدُ
- أصخرةٌ أنا؟! .. مالي لا تُتّيِّمُني *** هذي المُدامُ ولا هذي الأغاريدُ ؟!
اروع ابيات المتنبي “واحر قلباه”
وتعد اروع ابيات المتنبي على الإطلاق هي قصيدة واحر قلباه، حيث كانت علاقة المتنبي بسيف الدولة الحمداني قوية جدا كما قلنا من قبل ومدحه في الكثير من القصائد ولكن بسبب بعض الوشاة حدث بينهما بعضا الجفاء فكتب هذه القصيدة يعاتبه فيها بكبرياء وعزة.
اروع ابيات المتنبي
- وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ
- وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
- ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي
- وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ
- إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ
- فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ
- يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي
- فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ
- أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً
- أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
- وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ
- إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ
- سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا
- بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَم
- أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي
- وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ
- فالخيل والليل والبيداء تعرفني
- والسيف والرمح والقرطاس والقلم
ويقال انه بعد هذه القصيدة لم يتحمل إهمال سيف الدولة له فهاجر الى مصر ومدح حاكمها كافور الإخشيدي ولكنه لم يلقى منه اى رد فعل وكان يشكو له من سيف الدولة فلم يهتم به وأهمله فكتب فيه قصيدة هجاء ، وقرر العودة إلى الكوفة ولكن في طريقه تعرض له الحكام الذين هاجمهم في قصائده و انتقموا منه وقتلوه .
ورغم شهرة المتنبي وتأثيره الكبير في الأدب العربي لدرجة أن يدرس حتى الآن إلا أن حياته كانت مليئه بالتحديات والصعوبات لأنه عاش في فترة مليئة بالاضطرابات السياسية والاضطهادات ، وقد سجن أكثر من مرة بسبب قصائده الجريئة و هجائه المستمر.
وفي النهاية توفي المتنبي عام 965 في مصر حيث كان يتجه إلى الكوفة إلا أن إرثه الأدبي لم يمت واستمر عبر العصور وشهرة قصائده ذاع صيتها في العالم العربي حتى يومنا هذا.